الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة

من طرف **بنت الهدى** الثلاثاء يناير 09, 2007 8:41 am

اختلفت النظرة إلى المرأة بين الشعوب والأمم المختلفة، فالمرأة في الحضارة الهندية كان المجتمع ينكر إنسانيتها، ويعرض عن الاعتراف بقيمتها الاجتماعية، ويحرمها من كل حقوقها، بل هي عند الهندي أسوأ من الوباء والجحيم والسم والأفاعي.

وفي فارس أدخل زرادشت تغييراً هاماً على موقف المجتمع الفارسي منها، فتمتعت ببعض الحقوق كاختيار الزوج، وحق الطلاق وملك العقار، وإدارة الشؤون المالية للزوج، ولكنها ما لبثت أن خسرت هذه الحقوق بعد موته، وأصبحت محتقرة منبوذة، ووصل الأمر إلى حدّ احتجابها حتى عن محارمها كالأب والأخ والعم والخال فلا يحق لها أن ترى أحداً من الرجال إطلاقاً.

أما الرومان فكانت نظرتهم إلى المرأة نظرة دونية، وجعلها القانون الروماني كمخلوق فاقد الأهلية تعامل كالأطفال والمجانين، وكانت تباع من قبل رب الأسرة، ولم تكن المرأة أحسن حالاً عند الشعب والأمم الأخرى فقد كانت تعامل باحتقار عند البابليين والأشوريين واللوبيين والبربر.

ولكنها كانت تحتل مكانة مرموقة في الحضارة المصرية في الطبقة الغنية، فتولت الملك، وسطرت القوانين، ومارست السياسة، واعتبرت سيدة البيت، ونسب إليها الأبناء في حالات عديدة، ولكنها كانت تعامل بقسوة في القانون الجنائي، أما في الطبقة الفقيرة عاشت المرأة ظروفاً قاسية.

وهكذا كانت في الجاهلية حيث علا شأنها في الأوساط الثرية الحاكمة عند ذويها، وكانت موضع تقدير الرجل ورعايته وعطفه، أما في غير هذه الطبقة الاجتماعية فلم تستطيع المرأة أن تخلص من ذلك الوضع الغالب الذي لقيت فيه أنواعاً من العنت، وألوناً من المهانة، وصوراً بشعة من القسوة.

الحجاب عند الأمم المختلفة:

أما في ما يخص الحجاب فنجد أنه يوغل جذوره في القدم، وهذا ما يظهر جلياً في آثار ورسوم وتماثيل الشعوب المختلفة لا سيما عند الرومان والإغريق حيث كان كلاً من الرجال والنساء يلبسون غطاء للرأس في احتفالاتهم الدينية، من هذه العادات أخذ اليهود عادة غطاء الرأس للرجال والنساء وكتبوها في التلمود، وبعد اليهود استمر النصارى في عادة تغطية الرأس.

أما في الهند فيقول جواهر لال نهرو في معرض حديثه عن ظاهرة الحجاب إن هذه الظاهرة تسربت إلى الهند بسبب نفوذ الأمبراطوريتين الفارسية والرومانية حيث كانت عادة الحجاب منتشرة فيهما"

عزا بعض المؤرخين ظاهرة الحجاب في الأمم والأديان السابقة إلى انحطاط قيمة المرأة، وأحصوا جذوراً كثيرة فمنها الاقتصادي ومنها ما هو أخلاقي ومنها ما هو فلسفي أو سياسي أو نفسي، في حين اعتبر البعض الآخر أنه جاء نتيجة لعدم الأمن والاستقرار، أو أنه يعود إلى الجسد الذي يملكه الرجل والذي بمقتضاه يستأثر بالمرأة عن أن يراها الآخرون ولو بالفطرة.

بين الستر والحجاب:

يستعمل كثير من المسلمين كلمة "الحجاب" لوصف ما يسمونه بالزي الإسلامي للمرأة خاصة غطاء الرأس، وكلمة الحجاب الواردة في القرآن تتكرر سبع مرات، ولم تستعمل في هذه المرات السبع لتعني زي المرأة ولباسها، وذلك فإن مصطلح الحجاب لا يصح أن يعبر بـه وأجدى أن يعبر عنه بـ "الستر".

ولذلك خلط البعض من الباحثين بين ظاهرة الحجاب "الستر" وظاهرة "الحجب" أي حجب المرأة عن المجتمع الذي تعيش فيه، وهاتان الظاهرتان منفصلتان ووجود إحداهما لا يعني بالضرورة وجود الأخرى، ولكن لكثرة اجتماعهما وتلازمهما في الأمم والأديان السابقة ولّد عند الباحث في هذا المجال نوع من الارتباط بين هاتين الظاهرتين.

كما أنه يحب التفريق بين نظرة الإسلام وغيرها من النظرات حول المسألة، بل يجب أن يفصل بين المجتمعات التي كانت مسألة الحجاب فيها ذات منشأ ديني وبين تلك التي كانت المسألة فيها ذات مناشىء أخرى، بل ويجب أيضاً الفصل بين نظرة الأديان في هذه المسألة كل على حدة ومن غير الموضوعي أن يخرج الباحث بنظرة واحدة تشمل الكل على اختلاف المناشئ، ثم تعمم النتيجة تلقائياً على أي مجتمع توفرت فيه ظاهرة الحجاب.

ولعل النموذج اليهودي للحجاب هو أكثر النماذج تشدداً أو تخلفاً وأكثرها حجباً للمرأة عن المجتمع حيث أنهم عزلوا المرأة نهائياً عن المشاركة في الحياة الاجتماعية وحملّوها ضريبة قاسية فيما لو فعلت ذلك، يقول ول ديورانت: "كان في وسع الرجل أن يطلق زوجته إذا عصت أوامر الشريعة اليهودية بأن سارت أمام الناس عارية الرأس أو غزلت الخيط في الطريق العام، أو تحدثت إلى مختلف أصناف الناس أو إذا كانت عالية الصوت أي إذا كانت تتحدث في بيتها بحيث يستطيع جيرانها سماعها، ولم يكن عليه ـ أي الزوج ـ في هذه الأحوال أن يدفع لها بائنتها".

كما ينقل عن اليهود أنهم إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤكلوها، ولم يشاربوها ولم يجامعوها ـ أي يجتمعوا معها ـ في البيت، وهذا بخلاف ما كان عليه الإسلام بحيث إنه إذا حاضت المرأة فإنها تبقى في دائرة الاجتماع الإنساني وتمارس حياتها بشكل اعتيادي ما عدا النكاح.

ولعل عدم الفصل بين الستر والحجب قد أساء إلى الإسلام كثيراً باعتبار أنه عزل المرأة عن محيطها إنما يكون ناشئاً من النظرة إلى المرأة كعنصر في المجتمع ولا يكون ناشئاً من مسألة الستر، وهذا يعكس النظرة الدونية للمرأة ما يجعلها تحس بالنقص وتقبل لنفسها هذه العزلة المفروضة عليها.

اللباس المتعارف للمرأة في الجاهلية:

يظهر بعد مراجعة بعض المصادر أن المرأة في زمن الجاهلية وإلى ما بعد الهجرة، أنها لم تكن دقيقة في مسألة الستر، قال الزمخشري "كانت جيوبهن واسعة تبدو منها نحورهن وصدورهن وما هو إليها، وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة".

ويقول أيضاً: "كانت المرأة تضرب الأرض برجلها ليتقطع خلخالها"

قال الغرناطي: "كن في ذلك الزمان يلبسن ثياباً واسعات الجيوب يظهر منها صدورهن، وكن إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة يسدلنها من وراء الظهر فيبقى الصدر والعنق والأذنان لا ستر عليها".

قل الفخر الرازي: "إن نساء الجاهلية كن يشددن خمرهن من خلفهن وأن جيوبهم كانت من قدام فكان ينكشف نحورهن وقلائدهن".

توضح هذه النصوص كيفية اللباس وكيفية اهتمام المرأة بالستر في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أن الخمار بنفسه لم يكن ملزماً على المرأة بل كانت بعض النساء تخرج من دون خمار في غبر أيام الحر حيث كن يختمرن اتقاء الحر، ولم يكن الخمار أمراً مشرعاً في دينهم أو عرفهم ولذلك قال الغرناطي: "كن إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة..." فإنه يظهر أن المرأة دائماً لم تكن تستعمل الخمار.

وهكذا نصل إلى نتيجة مفادها أن الحجاب كلمة عامة تختلف النظرة إليها بين مجتمع وآخر وربما في داخل المجتمع الواحد، ولذلك يجب التفريق بين الحجاب الإسلامي والحجاب عند الأمم الأخرى، كما أنه يجب الفصل بين المجتمعات التي كانت ظاهرة الحجاب فيها ذات منشأ ديني وبين تلك التي كانت الظاهرة فيها ذات مناشىء أخرى، ولذلك لكي لا تكون النظرة تعميمية وتأخذ أبعاداً تنحرف بها عن المسار الحقيقي للحجاب، وذلك باعتبار أن النظرة إلى المرأة تختلف بين مجتمع وأخرى، وبما أن الحجاب "الستر" هو من خصائص لباسها فإن ذلك ينعكس لا محالة على معنى الحجاب من الناحيتين الشكلية والقيمية.

* الجيوب: جمع جيب، وهو فتحة في أعلى القميص، والمراد بها هنا الصدور.

من طرف **BATISTA** الأربعاء يناير 10, 2007 2:30 am

شكرا يا بنت الهدى على هذا الموضوع الجيد وعلى التفصيل بالكامل ولكن احل حجاب هو حجاب الاسلامي معروف لان كل الديانات ما كرمة المرأه ولا ااعطتها حقوقها حتى جاء الاسلام وأعطاها حقوقها وكرامتها حق الكرامه واشكرك يا بنت الهدى على الموضوع

من طرف **بنت الهدى** الأربعاء يناير 10, 2007 9:22 am

مشكور أخوي BATISTA وأكيد مافي أفضل من الحجاب الإسلامي

شكراً للاخت بنت الهدى على الموضوع الهام والضروري في المجتمع
وطبعاً كما هو معروف لا يوجد حجاب أفضل من الحجاب الاسلامي

الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة

الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة

رد: الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة

رد: الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة

رد: الحجاب عند الأمم والشعوب المختلفة